إلى آخر لحظات الغدق ..
إلى آخر زفرات الألم ..
إلى آخر آمال الإنتظار ..
إلى أماً أحبتني فأنجبتني ..
وإلى وقتا ً لا يُسعفني ..
إلى كُل مايسمى نهاية ..
إلى كُرسي بلا إنتظار .
.
.
أتعلمين أمي ..
كبُر السؤال فلم أعد أقتنع بأني أمير يمتطي حصان أبيض يبحث عنك ِ ليُخلصك ِ من ذاك الشرير الذي يُسمى / غدر الزمان ..
كبُر السؤال لدرجة إنه غيّر من شاكلته بعد أن كان إختر الإجابة الصحيحة ، ليُصبح علل / هل تحتضن الأم ُ رضيعها طول الزمان ..
كبُر السؤال وإغتال دائرة رسمتيها يوما ً على تفكير إجاباتي / لِيطرُق أبواب دوائر عُذرية جديدة كانت تفاصيل خطوطها لا يشوبها أي تعرج ..
كبُر السؤال حد الرغبة بأن تُمسكي بيدي وتزُفيني إلى تِلك التي تُشبهك ِ كأنثى / ولا تُشبهك ِ بملامح من غير تجاعيد وظفائر لا أتشبث ُ بها عند غرقي ..
كبُر السؤال إلى أن أصبح َ بالغا ً / غُلظة شعر تتوسد وجهه يُمسك بآلة حادة ليُرتبها دون أن تأتي وتأخذيها من يده خوفا ً من أن يجرح نفسه ..
كبُر السؤال حتى ذهب يرسِمُ خرائِطَ بلادا ً جديدة لم يطأها من قبل / لكن هذه المرة من دون أن يحصل على موافقة من سعادة قلقك ِ حياله ..
كبُر السؤال إلى أن إقتطع تذكرة وحيدة إلى أرض ساحرة تُسمى الرحيل / وقد كُتِب عليها تذكرة ذهاب بلا إياب / مخلفا ً وراءه كُرسي إنتظار !!
.
.
أتعلمين أمي ..
لم أعد أتذكر لحظَةَ وِلادتي حيثُ كُنتُ أعيش داخلك ِ / جزءا ً من ذاتك فآثرتي أن أخرج كي لا أكون سببا ً بألمك ِ / وقطعتي آخر حبل يربطني بك لأنسلخ من ذاتِك ..
لم أعد أتذكر آخر قُبلة طبعتيها على رأسي قبل النوم لأغلق جُفناي وأنا أشعر بالشعور الغائب الذي ترك َ صداقتنا منذ زمن بعيد المُسمى بالأمان ..
لم أعد أتذكر قِصة ليلى والذئب كما كُنتِ تروينها إلى مسمعي / فبت لا أعرف من هي ليلى هذا الزمن ولا أفرق ِ بينها وبين ذِئب تشّكل على هئية جدتها !!
لم أعد أتذكر بأني أفتح عيني ليلا ً فلا أصرخ من الخوف لأني أرى يدك تُدثر يدي وثُغرك ِ الباسم يُنير ظُلمة شعور إستفزني كي أصرخ ..
لم أعد أتذكر رغيف وكوبا ً من الحليب أشاهدها على منضدة صغيرة بآخر الرواق / ولا أقترب منها إلى حين سماعي " فطورك جاهز حبيبي " !!
لم أعد أتذكر بأنك ِ تقفين خلف الباب وأنا أمسك بشنطتي المدرسية في إنتظار الحافلة / ولا يختفي ظِلُكِ إلا حين يغادر بصري آخر جزء من بيتنا العتيق ..
لم أعد أتذكر بأنك ِ كُنت تهمسين بنصائحك ِ لتصطدم بطبلة أذني / فتتهادى الإبتسامة على مُحياي وأشعر بطمئنينة أن هناك من يهمه ُ أمري ..
لم أعد أتذكر آخر مرة وضعتي بها يدك ِ على جبيني وأنا أفترش مطرحي / وتعصرين قماشا ً بماء بارد وتضعينه علي ّ وأنا شُفيت ُ تماما ً لكني أمثُل السقم ..
.
.
أتعلمين سيدتي ..
أنفاس السماء أصبحت لا تسمع زمجرتي وأنا ألهث مُسرعا ً إلى أحضانك ..
لا أدري هل أصابها الوهن فأصبحت ثقيلة السمع ..
أم أن مابي من لهفة وشوق أصبح لا يُسمع ..
مازلت ُ أنا هو َ ذلك الخالِد إسما ً حيث لا يشتهي نزوة َ ألم ٍ سواك ِ ..مازلت ُ أنا هو ذلك الخالِد إسما ً حيث لا يُطيق رحيلا ً دون أن تكوني تذكرة وداعه ..
مازلت ُ أنا هو ذلك الخالِد إسما ً حيث أحبك ِ كأمه .. وأحببتيه فأنجبتيه من جديد ..
مازلت أنا هو الخالِد إسما ً حيث لا يُريد ُ أما ً سواك ِ ..
مازلت ُ أنا هو الخالِد إسما ً يا زنبقة أحلامي وأُمَّ واقعي .
مازلت أنا هو الخالِد إسما ً ..
.
.
المُزن ُ لا تُمطِر سيدتي ..
بل تبكي على عُمر لن تكفيه السنين لتُربت َ على أكتاف وجعه ..
والورود لا تُزهر وتتفتح سيدتي ..
بل تكبر وتزفر شذاها فلا يبقى بها شيء .. وتموت !!
والأشجار لا تُثمر سيدتي ..
بل تتخلص من حِمل يُثقل أغصانها فتميل .. وتنكسر !!
ونحن لا ننتظر سيدتي ..
بل نُغادر كُل صفحة ولا يتبق َ سوى شيء وحيد ..
لا يتبق َ سواه ..
كُرسي .. بلا إنتظار ..
.
.
همسة :
إن لم نمل الإنتظار .. سيملُّنها هو َ ..
زفرة :
الأم تلِد ُ رضيعها .. لتأخذه ُ غيرها ..
أتعلمين أمي ..
لن أعود ..
لكن ..
رُبما نلتقي ..
خالِد [
No comments:
Post a Comment